السبت، 4 فبراير 2012

السلام على امير المؤمنين وقائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب

مقياس الحب لـ أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب "ع" ||

يوم من الأيام كان أمير المؤمنين علي "ع" جالساً في مسجد الكوفة، فـ تشرف بحضرته أحد الكوفيين .. و بعد عرض السلام ..

قال له الكوفي: أنا أحبك

قال الإمام "ع" : بلسانك ،، أم بقلبك و لسانك ؟!

الكوفي : بالقلب و اللسان أحبك

فأجابه الإمام "ع" : إذاً قم تعال معي لأريك من يحبني بقلبه و لسانه

و بعد ان غدوا خارج الكوفة، أمره الإمام بغمض عينيه والتقدم ثلاث خطوات، و ما أن فتح عينيه حتى وجد نفسه في مدينة كبيرة تعج بالناس، البعض منهم مسلمون، و الآخرون من الكفار.

الإمام: تعال معي لأعرفك على من يحبني قلبا و لساناً

مشى الإمام مع الرجل إلى دكان رجل قصاب، إعطى الإمام درهما لـ الكوفي وقال له: أشتر لحماً من هذا القصاب

أخذ الكوفي الدرهم، و أتجه إلى دكان القصاب وقالَ الكوفي لـ القصاب : خذ هذا الدرهم ، و أعطني مقابله لحماً من هيئة الكوفي، عرف القصاب أنه رجل غريب، فسأله

القصاب : من أين أنت ؟!

الكوفي : من الكوفة

القصاب : أنت من مدينة مولاي علي بن أبي طالب !!!

الكوفي : نعم

القصاب : لابد أن تكون الليلة ضيفي، لمحبة علي المرتضى "ع"

الكوفي : أن معي رفيقاً

القصاب : أحضره هو الآخر معك

أتجه الكوفي إلى الإمام و أخبره بما جرى و أتجه الإثنان إلى دكان القصاب

القصاب يسأل بفرح شديد
القصاب: أأنتما من الكوفة، مدينة مولاي علي بن أبي طالب ؟!

أجابا : نعم

فأقفل القصاب دكانه فوراً، و أخذ ضيفيه إلى بيته

القصاب لـ زوجته: إن معي رجلان غريبان من مدينة مولاي علي بن أبي طالب ، فـ أكرمي ضيافتهما .. فـ قامت الزوجة و بفرح شديد، تجهز المكان، و تفرشه بشكل لائق، و أنشغلت في خدمتهما .. ألقى الامام، بعد أن أستقر بهما المجلس، نظرة في البيت، و وقع نظره على طفلين صغيرين محبوبين كأنهما نجمين لامعين .. و في الليل وصل الكوفي إلى منزله و كان خارجاً، و سأل زوجته :

الكوفي : ما فعلت ؟!

الزوجة : كما أمرتني

وحان صلاة المغرب فـ أنشغل الإمام بالصلاة، و خلفه القصاب يأتم بهِ و ما أن أنتهوا من الصلاة، حتى سمع القصاب طرقات على باب داره، فخرج ليستطلع الامر .. فتح الباب ليرى أحد رجال الشرطة بإنتظاره

القصاب : ماذا تريد ؟

الشرطي : الأمير أمرني بقتلك وأخذ دمك اليه لأنه مرض مرضاً فـ أوصاه الأطباء بدم محب علي حتى يشفى

القصاب : أن لدي ضيوفاً، فإسمح لي أن أوصي بهما زوجتي

القصاب لـ زوجته : يا زوجتي الوفية، أرجوك أن تكرمي ضيفينا فقد سمعت أن مولاي يحب الضيوف كثيرا فـ أنا لدي عمل خارج المنزل

قال هذا و أتجه من فوره خارج المنزل من غير أن يخبر زوجته بالأمر لئلا تحزن وحتى يتم ضيافة الرجلين كأحسن ضيافة وبلا فاصله خرج الطفلين على أثر والدهما من غير أن يعلم .. و ما أن رفع السياف سيفه مستعدً لـ قطع رأس القصاب، حتى أنبرى الأبن الأكبر طالباً من السياف قطع رأسه و ترك أبيه .. فـ وافق السياف ..

رفع السياف سيفه و أهوى به على رقبة الطفل لـ يفصل رأسه عن بدنه، وأمام ناظري أباه و أخاه، في هذه اللحظات ألقى الأخ الأصغر بجسده على أخيه يحتضنه، و لـ يفصل رأسه عن بدنه هو الآخر

أخذ السياف من دمائهما إلى الأمير و أخبره بتمام القصة .. أما القصاب فـ بعينين ممتلئتين دمعا، و بكبد محترقة أسى، حمل رأس ولديه الصغيرين و بدنهما وأخفاهما في زاوية في داره، وأتجه إلى زوجته يأمرها بوضع الغذاء، و لم يبد لها أي شيء مما جرى ..

وضعت السفرة و أحضر الطعام، و جلس القصاب بحضرة ضيفيه ..

القصاب : تفضلوا بسم الله و على محبة مولانا كلوا من هذا الطعام

الإمام "ع": حتى يحضر أبناك، فلن نأكل شيئا

القصاب : يا أخي أنتم كلوا طعامكم، فـ الأطفال في مكان آخر

رفض الإمام أن يأكل شيئاً إلا بحضور الطفلين، و كلما أصر القصاب على أمير المؤمنين لم يجدي نفعاً .. و بعد طول إصرار قال له الامام "ع": أما تعرفني ؟! أنا مولاك علي بن أبي طالب

القصاب : يا مولاي .. أنا وإبناي ومالي وزوجتي كلنا فداك

وأتجه إلى زوجته، فسألته عن الطفلين و كانت أحست بغيابهما

القصاب : لا ترفعي صوتك .. فقد ذبحا على محبة مولانا علي

لم تملك الزوجة نفسها حتى شرعت في بكاء شديد فقال لها القصاب :
أهدئي فـ إن ضيفنا رحيم سيحيي طفلينا

تعجبت الزوجة، فأنى لهذا الضيف أن يحييهما

القصاب : أن ضيفنا هو أمير المؤمنين علي

ما أن سمعت هذا الكلمات حتى أللقت بنفسها على أقدام الإمام تقبلهما ، فقال لهما الإمام : لا تحزنا .. الآن بإذن الله سأحيي طفلاكما (لـ القصاب): أحضر جسد الطفلين هنا

أحضر القصاب جسد الطفلين و وضعهما أمام الإمام فقام وصلى عليهما ركعتين ودعا ببعض الدعوات

يقول الكوفي : ما رأيت إلا و قد قام الطفلان حيين وقالا: [ لبيك ، لبيك ، يا مولانا يا أبا الحسن ] وأللقى الطفلين وأمهما و أباهما على أقدام الإمام يقبلانها وهما بفرح شديد

الإمام يسأل الكوفي: هل أنت مثل هذا القصاب تحبني بقلبك و لسانك ؟!

الكوفي و قد عرف معنى الحب الحقيقي، أجاب : لا

وجلسوا معاً لـ تناول الغذاء .. بعدها أخذ الرجل بأطراف ثوب الإمام يرجوه، إن أنتشر هذا الأمر في المدينة وعلى الأمير بـ الخبر فسيقضي عليهم جميعا .. فقال له الإمام لا تخف إذاً، اذا أصابك أمر وأحتجتني نادي بإسمي فقط

وودع الإمام القصاب و خرج مع الكوفي و أمره أن يغمض عينيه كما فعل و يتقدم ثلاث خطوات، لـ يكونا في الكوفة وسرعان ما أنتشر خبر القصاب في مدينته ووصل إلى الأمير ، فأمر جنوده بالقضاء عليهم كلهم لكن القصاب ما أن رأى جنود الأمير تهجم على داره حتى قام يهتف بإسم أمير الولاية وفي نفس تلك اللحظة حضر الإمام و قاتل المهاجمين بشجاعته المعروفة، و طبعاً هزمهم

سمع الأمير بخبر الإمام ففزع فزعاً شديداً، و قام برأس مكشوف و قدمان حافيين، يركض إلى الأمير .. ينشد منه الأمان فأمنه الإمام وأمن الأمير وحسن إيمانه وصار بعاقبة خيرة

فهل نكون مثل الكوفي ، ام مثل القصاب الذي يجسد معنى الحب الحقيقي ، بقلبه و لسانه ؟!! اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين و أرزقنا شفاعته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق